الخميس، 3 يوليو 2008

سور دمشق


سور دمشق





لقد بني سور دمشق في العهدين الإغريقي والروماني , ويبلغ طوله 1500 متر وعرضه 750 متر وتبلغ مساحة دمشق القديمة داخله 105 هكتارات . لم يتأثر أثناء الفتح العربي لدمشق عام 14 للهجرة , إلا أن انتقال الخلافة فيما بعد من دمشق إلى بغداد قلل الاهتمام والعناية به فتهدمت أجزاء منه , كما أن العباسسين أنفسه قاموا بهدم أجزاء منه حين دخولهم دمشق, لكن السلطان نور الدين الشهيد أعاد بناء السور ورممه وبنى عليه الأبراج الدفاعية, كما قام ببناء سور مزدوج في المنطقة الممتدة من باب السلام وباب توما حتى الباب الشرقي بحيث أصبحت المنطقة الواقعة بين هذين السورين تعرف باسم (بين السورين).



وجدت الأسوار حول المدن لحمايتها من الهجمات الخارجية وهو أسلوب أتبعه اليونان, وضمن السور وجدت الأبواب للدخول والخروج من وإلى المدينة , ويعتقد الباحثون في تاريخ دمشق أن سور المدينة قد تواجد حولها منذ العهد الآرامي وبعده اليوناني.
وعندما سيطر الرومان على دمشق عام 64 ق.م عمدوا إلى تجديد الأسوار وإعادة بنائها فأحاطوا المدينة بسور حجري تضمن سبعة أبواب نسبة للرقم (7) وهو رقم ذو قدسية عند كثير من الشعوب وهذه الأبواب هي :

في شمال المدينة : باب الفراديس – باب الجنيق – باب توما.
في شرق المدينة : الباب الشرقي , وفي غربها : باب الجابية , وهما بابان ذو ثلاث فتحات , في الوسط بوابة كبيرة وعلى جانبيها بوابتان أصغر حجماً متصلتان سوية بالشارع المستقيم والذي يبلغ طوله حوالي 1500م .
في جنوب المدينة : الباب الصغير – باب كيسان.
( مع ملاحظة اختلاف تسميات الأبواب عبر العصور )
ومع قدوم الفتح العربي لدمشق سنة 14هـ بقي السور والأبواب على حالها دون أن تتأذى لأن دخول العرب المسلمين للمدينة كان صلحاً, وفي العهد الأموي الذهبي أخذت المدينة بالتوسع خارج الأسوار وظهرت أحياء وضواحي جديدة في سفوح جبل قاسيون وعلى ضفاف نهر بردى.
وفي عام 132 هـ كان سقوط دمشق بيد الجيش العباسي وقام قائد الجيش عبد الله بن علي ( عم الخليفة أبو العباس ) بمجزرة في المدينة نبش خلالها قبور الأمويين وأحرق جثثهم وهدم جزءً من سور المدينة وخرب أجزاء أخرى, وهكذا أهملت الأبواب والسور ولم يسمح بترميمها حتى قدوم العهد السلجوقي الذي أولى السور والأبواب الاهتمام الخاص فأنشئت قلعة دمشق عند الزاوية الشمالية الغربية من السور عام 741 هـ/1078م ورممت الأسوار وحصنت وهكذا صمدت المدينة أمام ثلاث حملات صليبية فشلت جميعها في اقتحام سورها.
وفي عام 549 هـ / 1154م كان دخول السلطان نور الدين محمود الزنكي لدمشق واستلامه للحكم فيها فقام بعملية تحصين شاملة للمدينة ورمم ما تهدم من سورها وأبوابها نتيجة الحملات الصليبية والفتن الداخلية , وأقام الأبراج المستديرة على السور وقام بفتح أبوب جديدة كباب الفرج وباب السلامة كما قام بسد أبواب أخرى كباب كيسان وجزء من الباب الشرقي.
وقد بنى نور الدين لكل باب من الأبواب مسجداً مع مئذنة تعلوه يمكن من خلالها مراقبة الأعداء من الأعلى, كما جعل على كل باب من الجهة الخارجية سوقاً صغيراً متعرجاً يسمى (باشورة) وذلك بهدف عرقلة دخول الأعداء للمدينة فضلاً عن تنشيط الحركة الاقتصادية في منطقة الأبواب , كما قام نور الدين بتوسيع سور المدينة الممتد بين باب الفرج وباب الفراديس ليكون السور الجديد محاذياً للنهر وهذا أدى لنشوء حي بين السور القديم والجديد يسمى بين السورين.
وفي العهد الأيوبي رممت وجددت بعض الأبواب والأبراج لدرء الخطر الصليبي , واستمر حال السور والأبواب في العهد المملوكي مع إدخال بعض التعديلات والترميمات عليه حسب الحاجة.
ومع قدوم العهد العثماني عام 922 هـ / 1516م ونظراً لمنعة الدولة العثمانية وسعة انتشارها وزوال الخطر الصليبي القريب فضلاً عن انتشار وسائل الحرب الحديثة المتمثلة باستخدام البارود أخذ الاهتمام بالسور والتحصينات يتلاشى وتعرض السور للإهمال واستخدمت أجزاء من في بناء المباني الرسمية في أمكان أخرى من المدينة وأنشئت الدور والمساكن على أجزاء منه وزالت أجزاء أخرى.
وقد تعرض السور والأبواب عبر الزمن لكثير من الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات إضافة لما أحدثه البشر من تخريب ,وفي القرن العشرين أجريت عدة ترميمات طالت عدداً من الأبواب , واليوم إذا ما نظرنا لهذا السور نلاحظ المستويات الدنيا منه مبنية بحجارة كبيرة الحجم بعكس المستويات العليا التي يصغر حجم حجارتها , ذلك أن كل سوية تعبر عن المرحلة التي أنشئ بها, والسويات الدنيا في الغالب رومانية أما السويات العليا فتعود للعهود الإسلامية اللاحقة.
وأفضل أجزء السور هي المنطقة الممتدة من باب السلامة ولغاية باب توما, وتليها المنطقة الممتدة من باب توما لغاية باب كيسان, ويمكن للباحث أن يجد بعض القطع والأجزاء المختفية بين الحارات في مناطق أخرى حول المدينة القديمة .
ومن أهم الأبراج الموجودة حالياً برج نور الدين الشهيد (منطقة السنانية ) أنشئ في عهد السلطان نور الدين عام 564 هـ/1168م وأعيد ترميمه في العهد المملوكي, وبرج الملك الصالح أيوب ( منطقة باب توما ) أنشئ في العهد الأيوبي عام 646 هـ / 1248م .
وحديثاً أعيد الكشف عن برج أيوبي قبالة الباب الشرقي ضمن النفق المحدث هناك, كما ظهرت قاعدة برج إلى القرب من باب كيسان (دوار البيطرة ) خلال عمليات إظهار سور دمشق في تلك المنطقة وظهر إلى جانبه لوحة حجرية تشير إلى السلطان نور الدين الزنكي.

ليست هناك تعليقات: