الأحد، 6 يوليو 2008

خبر عاجل

استوقفتني عبارة : "خبر عاجل"
على شاشة التلفزيون, و كالعادة بدأت دقات قلبي بعزف السيمفونية الخامسة لبيتهوفن
تحسباً و تمهيداً للمصيبة التي سأقرأها, فأرتميت على أول كنبة

و عيوني تقفز فوق الحروف و الكلمات لمعرفة ما الذي يجري.


و هالني ما قرأت,
و أعدت القراءة للتأكد مرة أخرى, فلــــم أُصدق.
و ما كان مني إلا أن بدأت أقرأ بصوت عالٍ حتى يصل صوتي لمسمعي
علني أُصدق ذلك :
" الصواريخ العربية تدك حصون تل أبيب"
لم أدري حينها ماذا أفعل, الخبر شلَّ تفكيري, و لَجَمَ ردود أفعالي,
فحاولت التماسك وتصديق ما أرى, فالصورة أمامي تتكلم
فهاهم الجنود الاسرائيليون ينتابهم الذعر, فلا يعرفون من أين و إلى أين يهربون.
و أصوات الغارات تصم أسماع تل أبيب
أما المستوطنون , أصبح وجههم عنواناً للخوف الذي طالما رأيناه على وجه أطفالك يا فلسطين.
و الفوضى تعم المكان
و تصريحات الجيش الاسرائيلي
تتضارب مع ما أشاهد , فهذا الجنرال يتكلم بصوت مهزوز و ذاك قائد للجيش يحاول أن يشرح شيئاً غير قادر على فهمه هو.
و هذا مستوطن يقول و الخوف يرن في صوته :
لقد استفقنا على صوت الغارات و شاهدنا سماء تل أبيب تُمطر صواريخاً
فلم نستطع حتى النزول للملاجئ و بدأ يبكي
فتذكرت دموع أمهاتك يا فلسطين المسفوحة كل يوم على فلذات أكبادها.
و عندها فقط أحسست أنني بدأت أفهم ما يجري , و أمسكت بالهاتف لأتصل بأحد يجعلني أتيقن و افهم تفاصيل التفاصيل, و لكن كل من كان يجيب على اتصالي لا يقول لي سوى:
مبروك ...مبروووووك, تابعي الاخبار و ستفهمين .
و كأن أحداً لا يريد أن يُضيّع على نفسه جزءاً بسيطاً من تفاصيل هذا الحدث الذي تعطشت نفوسنا له.
عدت إلى التلفزيون و أنا أردد بصوت عالٍ بيتاً من الشعر أحسسته
مناسباً لحالتي فقلت:
أتكذبُ العين .. و الراياتُ خافقة؟؟
أم تكذب الأذن.. و الدنيا زغاريدُ؟؟


آآآآآآآآآآآآآآه كم كنت أنتظر هذه اللحظة التي كنت أطلب من الله
ألا يُميتني قبل أن أعيشها و أراها بأم عيني.
بدأت أستجمع شتاتي و أسمع ما يُقال و أتفاعل معه لدرجة التماهي.
هذه أغانٍ وطنية
يا الله ما أجمل الوطن و ما أجمل الحق و ما أروع النصر.
ها أنا أرى أفراح الشعوب في الشوارع العربية كافة
و هنا تجمعات للتطوع للهلال و الصليب الاحمر
و هنا حملات تبرع بالدم للجنود العرب البواسل
و هنا زغاريد النساء التي تزف لنا النصر
و هنا أصوات الشيوخ التي تستنزل النصر من الله بقولهم:
نصرهم الله
نصرهم الله
و هنا محلل عسكري عربي يخبرنا :
أن تحرك الجيوش العربية و الإسلامية
جاء مُباغتاً للجيش الإسرائيلي
و أنه ليس من السهل على الجيش الإسرائيلي أن يصمد بوجه هذه الجيوش الجرارة
التي تضم جنوداً من كل الدول العربية و الإسلامية كـــــــافة.
حتى أن الوقت لن يستغرق طويلاً فالسلاح الجوي لجيوش العرب و المسلمون
كفيل بجعل تل أبيب
مدينة يمحوها النصر بلمح البصر
و من دون أن يتكبد جنود المشاة العرب و المسلمين أي خسائر
لأن الجندي الإسرائيلي معروف بالخوف و موصوف بالجبن.
و أردف المحلل العسكري قائلاً:
الكلام و الحسم الآن للجيوش العربية التي ترسل عليهم الصواريخ مدراراًً
و ختم قوله:
هاهم العرب و المسلمين نجحوا في النهاية بأن يكونوا صفاً واحداً
و إن كان للباطل جولة
فالحق له جولات.
و انتهى كلامه و نشوة النصر تُسكرني
و أنا أشاهد الشاشة قد أصبحت قسمين
قسم يرصد صواريخ جيوشنا العربية و الاسلامية و هي تنتقم
لمحمد الدرة و ايمان الهمص و غيرهم و غيرهم و القائمة تطول
و قسم آخر نرى فيه مشاهد الفرح و أعراس النصر في كل
البلاد العربية و الاسلامية.
و هنا أحسست براحة و طمأنينة و يقين طالما انتظرتهم و قلت:
إذاً هو عرس النصر
و هو مأتم الظلم و القهر و العملاء و الخونة.
لقد انتصر الحجر بيد أطفالك يا فلسطين على دبابات
اسرائيل و طائرات الاباتشي
و أثبت التاريخ للمرة الثالثة أن
اسرائيل بطل من ورق .
و بينما
عيناي متعلقتان بالشاشة و كأنهما تريدان اختراقها
لتُقبل رؤوس الصواريخ العربية و الاسلامية
و أكتب على رأس كل صاروخ:
إن تنصروا لله ينصركم
ظهرت إمراة تمسك بين كفيها جهاز تحكم
وجهته باتجاه جهاز أمامها
فاختفت محطة النصر
و ضاعت مشاهد الفرح
التي عشت معها أحلى دقائق عمري و أثمنها.
و قالت بهدوء و قد وجهت كلامها لمجوعة
من الشباب و الفتيان و الاطفال
و عيونهم مُتعلقة بها كتعلق الغريق بلوحٍ من الخشب
و قالت لهم :
يا أحبتي
هكذا سيكون حالكم إن لم تسيروا على درب أسلافكم
أمثال تيودر هرتزل و جولدامائير و موشيه دايان
و غيرهم ممن نذر عمره لاقامة دولتكم اسرائيل
و حمايتها و تمكينكم أنتم يا شعب الله المختار من أن تفرضوا حدودكم
من الفرات إلى النيل.
فاحرصوا كل الحرص يا شباب اسرائيل على ألاّ تدعوا فرصة
لتَوحد العرب و المسلمين فيما بينهم
و اضربوهم متى و أين و كيف تريدون
حاربوهم بزرع الفتنة بينهم
و نشر الرذيلة و الفساد بين شبابهم
حاربوهم بدينهم و كتابهم
ازرعوا الشك في نفوسهم
اجعلوهم أحزاباً و أقساماً ليضربوا بعضهم بعضاً بأيديهم لا بأيديكم
أوهموهم بعدوٍ وهمي بعيد لتعمى أبصارهم عن عدوٍ حقيقي قريب
شككوهم بمعتقداتهم و اجعلوهم يتمردون على ثوابت معتقداتهم و على أعرافهم
حاربوهم بنبيهم
و مشايخهم
و المرأة

والدين
والقرآن
و العروبة .
قوموا بوأد أي نموذج مُشرف يخرج من بينهم
قوموا بتحويل:
نجاحهم الى فشل
علمهم الى جهل
نصرهم الى هزيمة
أخلاقهم إلى فجور
إنسانيتهم إلى بلادة
مشايخهم إلى أضحوكة
تضامنهم العائلي إلى عادات بالية
وطنيتهم إلى عار
تدينهم إلى إرهاب
احرصوا على ألا تدعوهم يهدؤؤا أو يفكروا بأنفسهم أبداً
اشغلوهم دوماً بالدفاع و الدفاع و الدفاع عما يؤمنون به , و عندها ستضمنون
أنهم لن يقوموا بالهجوم عليكم.
اقتلوا عروبتهم بقتل لغتهم العربية و بالتالي سيبتعدون عن قرآنهم.
و اعلموا أنهم اذا قويت شوكتهم قليلاُ ستجدونهم ينقضوا عليكم و يبيدونكم
كما شاهدتم في الفيلم
الذي تعب على إعداده إخوانكم
لحثكم على التمسك بأهداف حكماء صهيون و العمل على تمكين
وجود و حفظ سلامة اسرائيل
فكما تعلمون يا أحبتي
دولتنا لا جذور لها لذلك يجب أن نغرس هذه الجذور
في أخصب أرض لبقاء و نمو اسرائيل.
و هنا هز الشباب و الاطفال رؤوسهم و نظراتهم تنطق
بالالتزام و الوعي و الإيمان التام بباطلهم الذي يريدون إلباسه لبوس الحق.
و عندها
أحسست بصفعة على وجهي من هول ما شاهدته
و قطعاً لهذا الذهول الذي اعتراني
ظهرت مذيعة عربية تتمايل بدلع مستورد و غنج مُكتسب
و قالت:
أعزائي المشاهدين: تنفصل الان
القناة العربيــــــــــة الفضائية
عن القناة الاسرائيلية الارضية
و نعود لمتابعة برامجنا, و ريثما يحين موعد بث مسرحية

دريد لحام " كاسك يا وطن"
نستمع إلى الفنانة الثائرة و المثيرة نانسي عجرم و هي تغني:
" ما فيش حاجة تيجي كده
إهدى حبيبي كده
و ارجع زي زمان "
و هرباً من هذا الضخ الكبير للأسئلة من عقلي
و التشتت و التضارب الذي اعترى كياني
و استجابة لنداء الفنانة الثائرة
رجعت أنا زي زمان
و عدت كما كنت لا أملك سوى
حفنة دقائق جميلة
و بقايا طعم انتصار
و كثيـــــــــراً من الأمل و اليقين


نقلا عن سيريا نيوز للكاتبةعاشقة وطن

ليست هناك تعليقات: